روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | المرأة المسلمة.. وحتمية المواجهة (1- 3)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > المرأة المسلمة.. وحتمية المواجهة (1- 3)


  المرأة المسلمة.. وحتمية المواجهة (1- 3)
     عدد مرات المشاهدة: 3158        عدد مرات الإرسال: 0

للمرأة المسلمة منهجيتها المختلفة في الحياة، تلك المنهجية التي تعتمد العطاء والبذل وتحمل المسئولية سواء كانت هذه المسئوليات داخل نطاق الأسرة أو مرتبطة بالمجتمع كله، وهي منهجية تختلف في جوهرها وعمقها القيمي عن منهجية الفكر النسوي المدشن من قبل الأمم المتحدة، حيث تعتمد منهجية هذا الفكر على مبدأ الأخذ والحقوق واجبة الأداء، وبغض النظر عن الهيكلة المعوجة لهذا الفكر وقائمة الحقوق المزعومة التي تطالب بها، فإن القائمين على هذا المنهج يواصلون الليل بالنهار في دأب وحرص شديدين، وكان آخر ما جرى من وقائع هذه المتابعة الحثيثة مؤتمر بكين +15 الذي انعقد قبل أيام قليلة، فما هو الواجب الذي تتحمله المرأة المسلمة لمواجهة مكر الليل والنهار؟ وما المسئولية الملقاة على عاتقها وهي من اعتادت تحمل المسئوليات العظام؟ ثم ما هي الآلية المناسبة لتحقيق هذه الواجبات؟

العطاء والإيمان:

عندما استشهدت السيدة العظيمة سمية رضي الله عنها في العهد المكي لم تكن آيات الأحكام المتعلقة بالنساء قد أنزلت بعد.. لم يكن بعد قد تقرر حق المرأة في الميراث والمعاملات المالية المستقلة، وحقها في الموافقة على الزواج، وغيرها من الحقوق الكثيرة التي أعطيت للنساء.. استشهدت السيدة سمية والمرأة لا تعد في نظر الرجال شيئا.. كانت أمَة لرجل طاغية من سادات قريش ترتعد منه فرائص الرجال، ولكنها تحدته بكبرياء وشمم، وسالت دماؤها الطاهرة دون أن يخطر ببالها سؤال: هل تضحيتي أنا هي ما يصنع الانتصار لهذا الدين العظيم؟ .. لم تشهد عيناها انتصار الدين وعلو راياته، ولم تدرك رضي الله عنها الأوضاع الجديدة التي نالتها النساء في ظلال الشريعة الإسلامية، ولكنها قدمت أعظم ما تستطيعه وأكبر ما يملكه أي إنسان.. الروح التي أودعها الله في جسدها، وكان بإمكانها أن تسب الدين أو الرسول ليعفو عنها الطاغية الذي كان يتمنى سماع كلمة الكفر لترد له بعض كبريائه الشيطاني، ولكنها آثرت أن تكون نموذجا للمؤمن رجلا كان أم امرأة، فمن أين استمدت هذه القدرة على العطاء؟ ومن أين استمدت هذه القوة والطاقة الجبارة؟ أليس ذلك من عمق الإيمان في روحها؟ إنه الإيمان صانع المعجزات.. ولن تستطيع المسلمة المعاصرة أن تحقق شيئا في هذه المواجهة الحضارية ما لم يتغلغل الإيمان في جنبات نفسها، وقتها لن تسأل قط عن المقابل الذي يتحتم عليها أخذه والحقوق التي يجب أن تكون لها، ولن تشكو من ظلم المجتمع لها، ستقدم كل ما تستطيع وهي لا ترى من وراء فعلها هذا كله إلا الله سبحانه وتعالى.. يقول الأستاذ سيد قطب عن هذا الإيمان: إنه اتصال هذا الكائن الإنساني الفاني الصغير المحدود بالأصل المطلق الأزلي الباقي الذي صدر عنه الوجود، ومن ثم باتصاله بالكون الصادر عن ذات المصدر، وبالنواميس التي تحكم هذا الكون، وبالقوى والطاقات المدخورة فيه، والانطلاق حينئذ من حدود ذاته الصغيرة إلى رحابة الكون الكبير، ومن حدود قوته الهزيلة إلى عظمة الطاقات الكونية المجهولة، ومن حدود عمره القصير إلى امتداد الآباد التي لا يعلمها إلا الله(1). فالقوة والطاقة والعطاء أحد تجليات الإيمان عندما يقوم بعمله في النفس.

إدارة الوقت:

حقا أعمارنا قصيرة ولكننا عندما نديرها بطريقة سليمة نستطيع تحقيق المعجزات، وهذا ما ينبغي لكل امرأة مسلمة أن توقن به، وهي تردد كلمات حسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك.

ولنبدأ من الآن أو كما يقول الحسن البصري رحمه الله: الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدًا فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه.

وأصحاب المخططات الشيطانية يحسنون إدارة وقتهم، ويدركون جيدا قيمة الوقت، فكل خمسة أعوام ينعقد مؤتمر لمتابعة ما تم تقريره في مؤتمر بكين، وخلال هذه الأعوام الخمسة تكون المتابعة المستمرة لضمان تنفيذ المقررات عن طريق اللقاءات الدورية للمتابعة، سواء في أروقة الأمم المتحدة أو في البلدان المحلية، وتشمل المتابعة استخدام وسائل الإعلام، أو سن القوانين، أو الانخراط في العمل الجماهيري في أوساط النساء، أو متابعة المقررات الدراسية، فأين المرأة المسلمة من هذا الذي يجري كله؟! أليست الجهود المخلصة بحاجة للتنظيم والتنسيق والمتابعة؟ وهل يمكن أن تنتج العشوائية عملا عظيما؟

وعلى المستوى الشخصي: ما لم تمتلك المرأة المسلمة مهارات إدارة الوقت بكفاءة فلن تستطيع أن تفي بواجباتها الأساسية، فكيف إذا كان الحديث عن دور حتمي في المواجهة الحضارية؟!

من الرائع أن تقوم المرأة بدورها الطبيعي زوجة وأمًّا، وهو الدور الذي يحتاج وقتا طويلا وجهدا مخلصا دائبا، ولكن الأمة تحتاج من المرأة في هذا التوقيت بالذات ما هو أكثر من ذلك.

تقول الداعية وفاء مشهور: لا بد أن تحرص الأخت على النهوض بالبيت؛ حتى يكون مميزًا عن باقي البيوت التي لا تتبع المنهج الإسلامي. ويفضل أن تبدأ الأخت يومها مع طلوع الفجر، ومن خلال الجدول الأسبوعي يتم حصر الأعمال المتشابهة، وتحدد لها وقتًا معينًا، وتحرص بقدر الإمكان على عدم الخروج من البيت إلا لضرورة.

- وتحرص على ترتيب الأولويات خلال اليوم وخلال الأسبوع.

- القيام بعدة محاولات متباينة لأعمال البيت والثبات على أفضلها.

- الحرص على اغتنام الوقت بجمع غايتين في وقت واحد.

- وبالاستفادة من الوقت، وتنظيمه يكون جو البيت هادئًا، وتتمكن من الدعوة إلى الله خارجه(2).

هذه القواعد السابقة أساسية في حياة أي امرأة تريد أن يكون لها دور حقيقي ملموس لنهضة الأمة، وما لم تستطع المرأة أن تنظم نفسها تنظيما ذاتيا، وتؤمن جبهتها الداخلية جيدا، فلن تستطيع أن يكون لها عطاء يفيض على أمتها.. وما لم تستغل الطاقة الإيمانية العالية استغلالا منظما وفعالا ومخططا له بدقة فلن تكون هذه المواجهة في مصلحتنا، فلنشحذ همتنا، ونتجه لرب الأرض والسماوات أن يبارك جهدنا، ولنبدأ من اللحظة إدارة جيدة لذواتنا وأوقاتنا.

-----------------------

(1) سيد قطب.. ظلال القرآن المجلد السادس ص 3964- 3965.

(2) مقال للأستاذة/ وفاء مشهور.. بعنوان (المربية وقتها وواجباتها بتصرف).

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.